كيف تحدث الإباضة بالتفصيل

كيف تحدث الإباضة: عملية فسيولوجية مفصلة

الإباضة هي عملية فسيولوجية معقدة تحدث لدى الإناث بشكل دوري، حيث تُطلق فيها إحدى المبايض بويضة ناضجة إلى قناة فالوب استعدادًا للتخصيب. تُعتبر الإباضة جزءًا أساسيًا من الدورة الشهرية للمرأة، وتعدّ العامل الحاسم في الإنجاب، كما أنها تُساعد في فهم صحة النظام التناسلي الأنثوي. سنستعرض في هذا المقال جميع جوانب الإباضة بداية من التغيرات الهرمونية التي تحفزها إلى الدورة الشهرية التي تحدث خلالها، مرورًا بالأعراض المرتبطة بها وآليات التحكم فيها.

1. الدورة الشهرية والإباضة: التفاعل الهرموني

تبدأ الدورة الشهرية للمرأة من اليوم الأول للنزيف الطمثي (دورة الحيض) وتنتهي مع بداية الدورة التالية. هذه الدورة تتراوح عادة بين 21 إلى 35 يومًا، لكن الفترات قد تختلف بين النساء. تتأثر الدورة بشكل أساسي بارتفاع وانخفاض مستويات الهرمونات المختلفة.

الهرمونات الرئيسية المشاركة في الدورة الشهرية:

• الهرمون المحفز للجريب (FSH): يُفرز من الغدة النخامية في الدماغ، ويحفز نمو الجريبات في المبيض. هذه الجريبات تحتوي على بويضات غير ناضجة.

• الهرمون اللوتيني (LH): يُفرز أيضًا من الغدة النخامية، ولكن في نهاية المرحلة الجرابية، يتسبب في حدوث الإباضة.

• الاستروجين: يُفرز من الجريبات الناضجة داخل المبيض، ويحفز نمو بطانة الرحم لاستقبال البويضة المخصبة.

• البروجستيرون: يُفرز من الجسم الأصفر في المبيض بعد الإباضة، ويُساعد في الحفاظ على بطانة الرحم في حالة جاهزة لاحتضان الجنين في حال حدوث التخصيب.

2. مراحل الدورة الشهرية وأين تحدث الإباضة؟

الدورة الشهرية تُقسم إلى عدة مراحل، وتحدث الإباضة في منتصف هذه الدورة تقريبًا، وذلك اعتمادًا على طول الدورة الشهرية:

• المرحلة الجريبية (اليوم الأول إلى اليوم 14): تبدأ الدورة الشهرية مع الحيض، حيث ينخفض مستوى الهرمونات مثل البروجستيرون. في هذه المرحلة، يبدأ هرمون FSH في تحفيز نمو عدة جريبات في المبيض. تتزايد مستويات هرمون الاستروجين مع نمو الجريبات.

• الإباضة (اليوم 14 تقريبًا): عندما تصل مستويات الاستروجين إلى ذروتها، يحدث زيادة مفاجئة في هرمون LH، مما يؤدي إلى حدوث الإباضة. خلال هذه المرحلة، يتم إطلاق بويضة ناضجة من أحد الجريبات الناضجة في المبيض.

• المرحلة الجسمية (من اليوم 15 إلى اليوم 28): بعد الإباضة، يتحول الجريب الذي كان يحتوي على البويضة إلى جسم أصفر، الذي يفرز البروجستيرون. هذا الهرمون يساعد في إعداد بطانة الرحم لاستقبال الجنين. إذا لم يتم التخصيب، ينخفض مستوى البروجستيرون وتحدث الدورة الشهرية التالية.

3. آلية الإباضة: إطلاق البويضة

الإباضة تحدث عندما تكون البويضة قد نضجت داخل الجريب في المبيض وأصبحت جاهزة للتخصيب. عندما ترتفع مستويات الاستروجين بشكل كبير، يحفز هرمون LH الجسم لإطلاق هذه البويضة من المبيض. يحدث هذا بعد حوالي 24 إلى 36 ساعة من ذروة إفراز هرمون LH.

يتم إطلاق البويضة من الجريب في عملية تسمى التبويض، وهي تنزلق إلى قناة فالوب، حيث يمكن أن تلتقي بالحيوانات المنوية في حال حدوث الجماع.

4. دور قناة فالوب في الإباضة

بعد أن تُطلق البويضة من المبيض، فإنها تنتقل عبر قناة فالوب في رحلة تستغرق حوالي 24 ساعة. في حال وجود حيوانات منوية في القناة، فإن البويضة قد تُخصب خلالها. إذا حدث التخصيب، تنتقل البويضة المخصبة إلى الرحم حيث تبدأ في الانغراس داخل بطانة الرحم.

إذا لم يتم التخصيب، يتم تدمير البويضة داخل قناة فالوب، ويبدأ الجسم في التحضير لمرحلة جديدة من الدورة الشهرية.

5. أعراض الإباضة

الإباضة قد يصاحبها بعض الأعراض التي قد تشير إلى حدوثها. من بين هذه الأعراض:

• ألم التبويض (Mittelschmerz): بعض النساء يشعرن بألم خفيف أو معتدل في أسفل البطن في وقت الإباضة، وهذا يحدث بسبب تمزق الجريب وإطلاق البويضة.

• التغيرات في الإفرازات المهبلية: عادة ما تصبح الإفرازات المهبلية أكثر شفافية وزلقًا خلال فترة الإباضة، مما يسهل على الحيوانات المنوية الانتقال عبر الجهاز التناسلي الأنثوي.

• التغيرات في درجة الحرارة الأساسية للجسم: بعد الإباضة، تزيد درجة حرارة الجسم الأساسية بسبب ارتفاع مستويات البروجستيرون. يمكن للمرأة متابعة هذه التغيرات باستخدام مقياس حرارة دقيق لمعرفة وقت الإباضة.

• تغيرات في الرغبة الجنسية: بعض النساء يشعرن بزيادة في الرغبة الجنسية أثناء الإباضة، وذلك نتيجة لتغيرات هرمونية.

6. متى يحدث التخصيب؟

التخصيب يحدث فقط إذا كانت البويضة تلتقي بحيوان منوي في فترة الإباضة. البويضة تكون قادرة على البقاء حية لمدة 12 إلى 24 ساعة بعد الإباضة، بينما يمكن للحيوانات المنوية البقاء على قيد الحياة في الجهاز التناسلي الأنثوي لمدة تصل إلى 5 أيام.

إذا كانت العلاقة الجنسية قد حدثت في فترة الإباضة أو قبلها بعدة أيام، فإن فرص الحمل تكون في أعلى مستوياتها. لذلك، يُنصح بالقيام بالجماع في الأيام التي تسبق أو تتزامن مع فترة الإباضة.

7. العوامل المؤثرة على الإباضة

عدة عوامل يمكن أن تؤثر على عملية الإباضة، مما يؤدي إلى تأخيرها أو تداخلها. بعض هذه العوامل تشمل:

• الوزن: كل من السمنة المفرطة وفقدان الوزن الكبير يمكن أن يؤثر على الدورة الشهرية ويعطل الإباضة.

• التوتر: الضغوط النفسية قد تؤثر على مستويات الهرمونات المسؤولة عن الإباضة، مما يسبب تأخير أو توقف العملية.

• الاضطرابات الهرمونية: مثل متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS) أو اضطرابات الغدة الدرقية قد تؤثر على انتظام الإباضة.

• الأدوية: بعض الأدوية مثل موانع الحمل أو أدوية علاج السرطان قد تؤثر على الإباضة.

8. تشخيص اضطرابات الإباضة

في حال كانت هناك صعوبة في الحمل، قد يكون من المفيد فحص حالة الإباضة. يمكن إجراء اختبار لهرمون LH، الذي يتم مراقبته على مدار الدورة الشهرية. كما أن فحص السونار قد يُظهر حالة المبايض والجريبات.

إذا تبين وجود اضطراب في الإباضة، قد يُوصي الطبيب بعلاج يعتمد على تنظيم مستويات الهرمونات لتحفيز الإباضة الطبيعية.

9. التكنولوجيا والإباضة: طرق تساعد في متابعة الإباضة

بفضل التقدم التكنولوجي، أصبح بإمكان النساء الآن استخدام عدة وسائل لمتابعة الإباضة، مثل أجهزة قياس الهرمونات أو تطبيقات الهاتف المحمول التي تساعد في تحديد فترة الإباضة بناءً على دورة الطمث.

إلى جانب هذه التقنيات، يمكن للنساء استخدام اختبارات الإباضة المنزلية التي تقيس مستوى هرمون LH في البول، مما يساعد في تحديد الوقت المناسب للحمل.

10. الخاتمة

الإباضة هي عملية حيوية في حياة الأنثى ترتبط بشكل وثيق بالخصوبة والإنجاب. فهم كيفية حدوث الإباضة يمكن أن يساعد النساء في اتخاذ قرارات أفضل بشأن صحتهن الإنجابية وحملهن.